علم الاجتماع القانوني والضبط الاجتماعي

علم الاجتماع القانوني والضبط الاجتماعي

علم الاجتماع القانوني والضبط الاجتماعي

مقدمة
يعتبر علم الاجتماع القانوني أحد الفروع الحديثة لعلم الاجتماع العام . وقد واجه هذا الفرع الحديث ـ وما زال بواجه ـ كثيرا من التحديات وصنوف الجدل المختلفة ، وبصفة خاصة من جانب رجال الفقه “قانونی ، الذين يشككون في مدى صحة قيام هذا العلم .
وتتضح أوجه الاختلاف الأساسية بين القانون كعلم ، وعلم الاجتماع القانوني ، في أن ما يدرسه القانون باعتباره قاعدة مجردة ، بدرسه عـلم الاجتماع القانوني على أساس أنه ظاهرة اجتماعية لها وجودها في الكيان الاجتماعي ، فالقانون لا ينشـأ من فراغ ، ولكنه ينشـأ من خلال الواقع
الاجتماعي ، وعلى هذا فانه يعتبر انعكاسا لهذا الواقع الاجتماعي وعلى هذا فان فقه القانون يدرس القانون دراسة عضوية من الداخل دون أن يضع في اعتباره عوامل التفاعل الاجتماعي القائمة في المجتمع على عکس علم الاجتماع القانوني الذي يدرس نشأة القاعدة القانونية واسباب
نشأتها وتطورها ، والآثار الاجتماعية التي تنتج من تطبيق القاعدة القانونية في المجتمع . وبناء على ذلك يمكن القول بأن علم الاجتماع القانوني هو الذي يقدم التفسير العلمي للقانون ، فضلا عن أنه يساعد رجـال التشريع في التوصل لأكثر الصبغ القانونية صلاحية للمجتمع ومن هذا المنطلق نصل الى انه ينبغي الا يكون هناك انفصـل بين المحيط الاجتماعي ، وبين القانون الوضعي في المجتمع . فضلا عن ذلك فانه.ينبغي على المشرع أن يقف على ظروف المواطنين الذين يصيغ القوانين من اجلهم ، وبتعرف على اتجاهاتهم ومصالحهم المختلفة ، ويسعى التوفيق بين
هذه المصالح والاهتمامات ، حتى يأتي القانون معبرا عن نبض الجماهير ،ولن يتسنى للمشرع تحقيق ذلك الا من خلال عالم الاجتماع القانوني الذي يمهد له الطريق ويوضح ابعاده ، وليس هناك شك في أن القانون بهـذه الصورة يمكنه أن يحقق الكثير من الفائدة المرجوة من وجوده ، فضلا عن
من الممكن تخفيض نسبة الخارجين عليه . فطالما يكون القانون معبـرا.عن الاهتمامات والمصالح الكلية المشتركة ، فهو بذلك يكون قانونا عادلا ،ولابد للعدالة القانونية أن تبطش بقسوة على الخارجين عليه حتى تضمن
لكل مساحب حق حقه ، وحتى يأمن كل انسان في المجتمع على نفسه وبينـه وكل ما يملك فالقانون الوضعي لكي بأني معبرا عن الآمال ، ينبغي ان يضـع في اعتباره الأول ، أثناء عملية التشريع والصيافة ، الظروف الاجتماعية الواقعية للمجتمع ، فضلا عن عملية التغير المستمر التي ينبغي أن ينــها المشرعون في الحسبان كلما صادف المجتمع عمليات من التغيير السريع التي تستوجب المواسة القانونية
وانی اوجه الدعوة الى رجـال التشريع في جمهورية مصر العربية ، ونحن في عهد الحرية وسيادة القانون ، لأن يضعوا أيديهم في أيدي رجال الدين والاجتماع ليقفوا صفا واحدا في سبيل صياغة قوانين ترتكز على دعالم صلبة نابعة من الكيان الديني ، والواقعية الاجتماعية حتى تتحقق الآمال وتنقرض السلبيات ذلك لأن القوانين الوضعية التي تنظم حياتنـا ليست كفيلة بتحقيق الشريعة الاسلامية وفي هذا تحقيق لما جاء في نص المادة الثانية من دستور
مصر على أن الاسلام دين الدولة ، واللغة العربية لغتها الرسمية ، ومبادى، الشريعة الاسلامية مصدر التشريع
ذلك لأن القوانين الوضعية التي تنظم حياتنـا ليست كفيلة بتحقيق الأمن والاستقرار ، وكما هو واضح فان الجـرائم تنتشر . والخروج على القوانين واضح في صور كثيرة ومتكررة ، رغم وجود القوانين الوضعية التي هي من صنع الانسان ، أما قوانين السماء فهي قوانين رادعة تاخـذ على
أبدى المنحرفين بكل قوة وحزم مما يؤدى الى خفض معدلات الجريمة ويعتمد هذا الكتاب على معالجة بعض الموضوعات الأساسية في مجال القانون وعلم الاجتماع القانوني . حيث يتناول الفصل الأول دراسة للقانون
من وجهات النظر الفقهية والاجتماعيـة ، ودور القانون في المواسة بين المصالح الفردية والمصالح المشتركة ، ويناقش العلاقة بين القانون والقواعد الخلقية الأخرى ويهتم الفصل الثاني بمناقشة الاتجاهات والمذاهب المفسرة لطبيعـه
القانون ونشأته ، وتنقسم هذه المذاهب الى قسمين ، الأول منهـا يتناول المذاهب القانونية الشكلية وهي التي تقف عند شكل القانون ولا تتعمق في ابعاده ، بينما القسم الثاني يتضمن المذاهب الاجتماعية التي ترجع نشـاة القانون الى قانون الطبيعة او الى التطور التاريخي ، أو إلى الغابة والمنفعة التي يحققها القانون من وجوده .
اما الفصل الثالث فيعالج الاتجاهات الرائدة التي ساعدت في تكوين الأبعاد والأطر الأولى لعلم الاجتماع القانوني ، حيث نرى ان هناك اسهامات غير مباشرة اشار اليها افلاطون ، وارسطو ، وابن خلدون ، ومونتسكيو ،
واصحاب فلسفة العقد الاجتماعي وكثير غيرهم من رواد دراسات القانون الجنائي ، والتاريخ القانوني المقارن
أما الفصل الرابع فيوضـح الادوار الحقيقية التي لعبهـا العلمـاء المؤسسون في مجال علم الاجتماع القانوني حيث يتناول رجال الفته القانوني، ورجال الاجتماع في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا ، والأدوار الخـلاقة التي لعبوها في هذا الشان اما الفصل الخامس فقد حاولنا فيه تناول موضوع الضبط والتنظيم الاجتماعي والمظاهر التي يبدو عليها هذا التنظيم ، ودور العادات الاجتماعية و الأعراف والراي العام في تحقيق الاستقرار والتوازن الاجتماعي . كما
تناولنا موضوع القوة الاجتماعية من خلال أفكار وآراء علما الاجتماع ومدى مانسهم به في عملية التنظيم الاجتماعي
والفصول من السادس الى التاسع تعالج نظريات السلطة الاجتماعية عند كل من : الفلسفات القديمة ، المدرسة الاجتماعية الفرنسية ، المدرسة الاجتماعية الالمانية ، واخيرا المدرسة الاجتماعية الأمريكية على التوالي
والله اسأل أن أكون قد وفقت في عرض موضوعات الكتاب ، والله من
وراء القصد وهو يهدي السبيل
القاهرة : نوفمبر ١٩٨٤
ابراهيم ابو الفـار

إقرأ المزيد  مقدمة في علم السياسة والعلاقات الدولية

التحميل

www.eldakira.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

المرجوا إلغاء مانع الإعلانات لتتمكن من مشاهدة المحتوى