السلطة التنظيمية للإدارة في مجال تنفيذ القوانين دراسة مقارنة

السلطة التنظيمية للإدارة في مجال تنفيذ القوانين دراسة مقارنة

السلطة التنظيمية للإدارة في مجال تنفيذ القوانين دراسة مقارنة

الملخص
إذا كان البرلمان وطبقا لمبدأ الفصل بين السلطات، يختص بوضع القوانين بوصفه ممثل الإرادة العامة والمعبر عنها، إلا أن الواقع العملي يشير إلى أن البرلمان بحاجة إلى سلطة تؤازره، لضمان تنفيذ ما يصدر عنه من قوانين، ولإيراد التفصيلات التي يغفل عنها البرلمان في القوانين الصادرة عنه، وقد أوكلت هذه المهمة للإدارة وتبرير ذلك يتمثل في حجتين: الأولى لعدم سعة وقت المشرع لتفصيل ما قننه بكل دقائقه، وسبب ذلك يعود إلى قصر الدورة البرلمانية التي يهتم فيها البرلمان بتنظيم المسائل التي يزدحم بها جدول أعماله، ناهيك عن الدور الرقابي الذي يمارسه على أعمال الحكومة، أما الحجة الثانية فتتمثل في قلة الخبرات الفنية لدى البرلمان اذ لا يتمتع بالخبرات الكافية لتفصيل دقائق الأمور، فتطبيق القانون يحتاج إلى من يخبر الواقع العملي ويكون على اتصال دائم بالجمهور، إضافة إلى طبيعة تشكيل البرلمان، إذ يتكون من مرجعيات سياسية ومذهبية متباينة ليس باستطاعتها الخوض في المسائل الفنية التي تحتاج إلى خبرات متميزة مما تدعو لإيكال ذلك إلى سلطة الإدارة لما تمتلكه من خبرات فضلاً عن احتكاكها اليومي
بالجمهور الذي يؤهلها إلى تقدير احتياجاته.
وإستناداً إلى هذه المسوغات أوجدت السلطة التنظيمية للإدارة في مجال تنفيذ القوانين، والتي تجد أساسها في نص المادة (٢١) من الدستور الفرنسي لسنة 1958، والفقرة (5) من المادة (60) من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة لسنة ١٩٧١، وفي العراق تجد سندها في البند
(ثالثاً) من المادة (80) من دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥، ويترتب على الأساس الدستوري لهذه السلطة أمور ثلاثة: أولها أن كل قاعدة عامة مجردة وغير شخصية تصدرها الإدارة بهدف تنفيذ قانون ما تُعد أنظمة تنفيذية، وثانيها أن هذه السلطة تؤسس بموجب إرادة السلطة التأسيسية التي تنشئها بموجب الدستور وتمنحها وظيفتها، وثالثها يوحي أن سلطة الإدارة في مجال تنفيذ القوانين هي استثناء من الأصل العام وهي مقصودة لغيرها وللمنافع المتوخاة منها.لا لذاتها، لذا لا يمكن الإرتكان إليها إلا لمسوغات تبررها حتى لا تُمثل تطاولاً على السلطة
المختصة بالتشريع أصلاً مما يؤثر سلباً في مبدأ الفصل بين السلطات التي تتبناه الدساتير الحديثة، وأن أساس ممارسة هذه السلطة يتم ضمن شروط وحدود معينة يسهم الدستور والمشرع والقضاء الإداري برسم حدودها وإلزام الإدارة على الإلتزام بها كلما أرادت إستخدام سلطتها فيظمجال تنفيذ القوانين.
وتتمحور إشكالية البحث في معالجة الحالات التي تنحرف بها الإدارة في سلطتها في تنفيذ القوانين لتحقيق غايات غير التي أرادها المشرع لتتخذ من حجة تنفيذ القوانين ذريعة تسعى من.خلالها لتقويض الإرادة العامة بحيث تسعى لتعديل القوانين أو تعطيلها أو الإعفاء من تنفيذهاظوهو ما يتنافى مع الغرض من وجود هذه السلطة، الأمر الذي يتطلب البحث عن معيار لعلاج هذه المشكلة للتأكد من حقيقة الأنظمة التنفيذية التي تصدرها الإدارة ومدى توافقها مع إرادة المشرع ببيان حدود وسلطة الإدارة في مجال تنفيذ القوانين، وهذا من أبرز الأهداف التي يسعىزالبحث إلى تحقيقها من خلال إيضاح الحدود الموضوعية والشكلية لسلطة الإدارة في هذا المجال، وقد اتبع المنهج الفلسفي التحليلي المقارن في دراسة هذا البحث، وأختيرت فرنسا كنطاقظلتطبيق هذا البحث كونها ذات تجربة عريقة في هذا المجال، فضلاً عن دولة الإمارات العربية المتحدة كونها دولة ذات شكل اتحادي فيدرالي، إضافة إلى جمهورية العراق كونها أساس هذهظالدراسة، وقسمت خطة البحث على ثلاثة فصول الأول خصص لجوهر السلطة التنظيمية للإدارة
في مجال تنفيذ القوانين من حيث مضمونها وخصوصيتها ثم أساس هذه الأنظمة، ويعقبه الفصل الثاني لبيان حدود سلطة الإدارة في هذا المجال ببيان الحدود الشكلية والموضوعية لهذه السلطة، بينما أفرد الفصل الثالث لبيان الرقابة على حدود سلطة الإدارة التنظيمية في تنفيذ القوانين من حيث الحدود الدستورية وحدود المشروعية.
وتمخض عن هذه الدراسة خاتمة لخصت فيها أهم النتائج التي توصلنا إليها ثم إيراد أهم المقترحات التي تم طرحها خدمة للبحث العلمي، ومن أهم النتائج التي توصل إليها البحث استخدام دستور جمهورية العراق لمصطلح “الأنظمة” وهذا يخالف ما استخدمه الدستور الفرنسي ودستور دولة الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى أنه على الرغم من النص على سلطة الإدارة التنظيمية في مجال تنفيذ القوانين في البند (ثالثاً) من المادة (80) من دستور جمهورية العراق
لسنة ٢٠٠٥ لم تحدد هذه المادة ضوابط أو ترسم حدوداً لممارسة الإدارة لسلطاتها في هذا المجال، وقد أسهم القضاء الإداري بدوره الإنشائي والفقه في رسم الحدود الموضوعية والشكلية.لسلطة الإدارة في هذا المجال، ومن أبرز المقترحات لمعالجة مشكلة هذا البحث هي:

إقرأ المزيد  التقاضي الالكتروني كنظام قضائي معلوماتي

الأولى إستخدام الدستور لمصطلح “اللوائح أو اللائحة” كون هذا يتماشى مع مضمون العمل التشريعي الفرعي الصادر عن الإدارة إضافة لتطابقه مع ترجمة المصطلح في الدستور الفرنسي واستخدامه في أغلب الدول العربية، أما الثانية فتتمثل في التوصية للسلطة التأسيسية المشتقة في إعادة النظر في الأساس الدستوري للوائح التنفيذية بحيث يصاغ البند (ثالثاً) من المادة (80) من.دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ ليكون على النحو الآتي:-
(يمارس مجلس الوزراء الإتحادي الصلاحيات الآتية:…
ثالثا- إصدار اللوائح التنفيذية والتعليمات والقرارات اللازمة لتنفيذ القوانين الإتحادية، بما ليس.فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، ويجوز بنص خاص في القانون أو لمجلس الوزراء، تكليف الوزير الاتحادي المختص أو أية جهة إدارية في إصدار اللوائح التنفيذية اللازمة لتنفيذ القوانين)، وقد لعب الفقه والقضاء الإداري بدوره الرائد في رسم حدود اللوائح التنفيذية ضمن ضوابط محدد من أبرزها الأولى عدم مخالفة اللائحة للقانون والثانية فيجب ان تكون اللائحة
ضرورية لتنفيذ القانون أما الثالثة فهي إلا تخرج هذه اللوائح عن القصد الذي أراده المشرع من إصدار قانون معين وأخيراً فهي عدم التعسف أو الإنحراف في سلطة الإدارة في استعمال حق الإضافة بعدم التعرض للمسائل التي تمس أصل الموضوع الذي نظمه القانون.

التحميل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

المرجوا إلغاء مانع الإعلانات لتتمكن من مشاهدة المحتوى