الحماية الجنائية للحيازة العقارية

الحماية الجنائية للحيازة العقارية

الحماية الجنائية للحيازة العقارية

مقدمة:
تعتبر الثروة العقارية دعامة أساسية في البناء الاقتصادي مما يجعل الاعتناء بتنظيمها في غاية الأهمية لضمان ثباتها واستقرارها، ومن أجل ذلك عملت مختلف الدول –
خاصة الليبرالية منها – على صياغة نظام يكفل حمايتها، فالعقار مورد للثروة لا ينضب له معين، والعامل الأول في تكوين ثروة الإنسان، وعنوان لمكانة الأسر الاجتماعية ومركزها الأدبي، وهذا يفسر الارتباط الأزلي للانسان بالأرض الذي كان وسيظل قائماً متجدداً مادامت الحياة على وجه البسيطة، لذالك كان من الطبيعي أن توضع أنظمة العقارية لمختلف أنواع العقارات تنظم الملكية والحيازة والاستغلال و التصرف فيه، خاصة أن الحق الملكية هو الحق أصل الذي تتفرع منه باقي الحقوق العينية الأخرى.
لقد كانت الأشياء في البداية في أصلها مباحة لا مالك لها، أو أنها مشتركة بين الناس جميعا، لكنها وبمرور الزمن ومن حب الإنسان للتملك سرعان ما انتقلت من هذا الحال إلى حال الاستئثار والتملك، فقام بذلك نظام الملكية الذي ربط الانسان بالأشياء برابطة تقتضي الاستئثار بالملك. وكان السبيل الوحيد لتملك الأشياء إدخالها في الحيازة،
فيتحدد مالك الشيء بمن له الحيازة أو السيطرة المادية الفعلية على الشيء فظهر إلى جانب نظام الملكية نظاما مكن الانسان من الانتفاع بالأشياء انتفاعا كاملا بغير منازع وهو نظام الحيازة .
فجل التشريعات والدساتير العالمية اعترفت بحق الملكية واتفقت على حمايته باعتباره الحق الذي يمكن لصاحبه التمتع بالأشياء واستغلالها والتصرف فيها تبعا لمصالحه
وفي حدود القانون، كما سعت إلى تنظيم جميع المسائل المتعلقة بحق الملكية من خلال تحديد ماهيتها، وأسباب اكتسابها والقيود الواردة عليها.
فحددت هذه التشريعات ضمن تقنياتها المدنية اسباب كسب الملكية، وعددت من بينها الحيازة.
فإذا كان القانون يقرر الحقوق وينص في ذات الوقت على وسائل حمايتها، فإن هناك ظواهر أخرى لا تتوفر لها مقومات الحق وتنتفي بصددها فكرة الالتزام أو الدين، وهما
العنصران البارزان لفكرة الحق، ومع ذلك فإن التعرض لأصحابها يمس بأمن المجتمع واستقراره، الأمر الذي فرض على المشرع التدخل لحمايتهم أسوة بحماية أصحاب
الحقوق.
فهذا التدخل يطبق خاصة على المجال العقاري بالمغرب الذي يعيش في نظام عقاري مزدوج في هياكله ومتنوع في طبيعته، حيث يتوزع إلى نظام خاص بالعقارات
المحفظة وأخرى غير محفظة إذا ما اتبعنا معيار العقارات الخاضعة لمبدأ الشهر العيني وتلك الخاضعة لمبدأ الشهر الشخصي.
وتبقى العقارات غير المحفظة خاضعة في أساس تنظيمها للشريعة الإسلامية وبعض قواعد القانون المدني، أما العقارات المحفظة فتجد جذورها في نظام “تورانس”2 المنظم بموجب ظهير التحفيظ العقاري الصادر بتاريخ 12 غشت 1913 المتمم و المغير بقانون 314.07 ، ثم القانون المطبق على العقارات غير المحفظة، أي مدونة الحقوق العينية.

إقرأ المزيد  التدبير الحر وقواعد الحكامة الترابية

التحميل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

المرجوا إلغاء مانع الإعلانات لتتمكن من مشاهدة المحتوى