منظومة تدبير المالية العمومية وتأثيرها على السياسات العمومية

منظومة تدبير المالية العمومية وتأثيرها على السياسات العمومية

منظومة تدبير المالية العمومية وتأثيرها على السياسات العمومية

المقدمة:
منظومة تدبير المالية العمومية وتأثيرها على السياسات العمومية

يعد التخطيط المالي الإستراتيجي من المقومات الهامة في بناء أي منظومة، وتعتبر أسس الإدارة المالية أهم أليات نجاح المشاريع العمومية، فهي الأداة التي تنفذ بها هذه السياسات وتترجم بها إلى واقع ملموس.
فكلما كان التدبير المالي سلسا و شفافا، إلا وانعكس على حسن تدبير المجالات.و الميادين الأخرى.
ذلك أن مواكبة التطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي شهدتها الساحة الدولية والإقليمية والتي تلقي بظلالها على الساحة الوطنية، لاسيما ونحن في مرحلة العولمة الاقتصادية التي تحكمها قواعد التجارة الحرة والانفتاح على دول العالم، والتكتلات الدولية والجهوية والإقليمية، وتشجيع المبادرة الحرة والمنافسة في الجانب الاقتصادي وحرية السوق ورفع القيود، ناهيك عن خوصصة جل مرافق الدولة التي فرضت على المغرب تسخير كل طاقاته في البرمجة والتخطيط والتنظيم، والممارسة الفاعلة لتحقيق
الأهداف المرجوة وتعزيز الحكامة.
تبعا لذلك، أضحت الحكامة المالية ضرورة لتحقيق الشفافية والمشاركة والفعالية والالتزام بمبادئ التعاقد، والمساءلة في إطار التدبير المالي الحديث من أجل استرجاع الثقة في المؤسسات، وتحقيق التنمية على المستوى الوطني و المحلي بواسطة هياكل تنظيمية تتيح اتخاذ القرارات بصورة تشاركية، اعتماد مع آليات التخطيط الإستراتيجي والتتبع والتقييم.
هذه المرجعية الجديدة ألزمت الدولة على اعتماد مناهج حديثة في تدبير المالية العمومية، وتقوم على منطق النتائج وتحديد الأهداف، و قياس النتائج المنجزة و مقارنتها مع ما تتطلبه من تكاليف من أجل بلوغ الأهداف المنشودة و الوصول إلى التنمية الشاملة، لهذا تعتبر النفقات العمومية إحدى الوسائل الهامة التي تنفذ بها الدولة سياساتها الاقتصادية والاجتماعية، كما أنها تعبر عن توجهات الحكومة
وسياساتها بعد المصادقة على قانون المالية من طرف البرلمان من أجل تنفيذ برامجهم و مشاريعهم.
وبهذا أضحى الساهرون على الشأن العام مطالبين أكثر من أي وقت مضى بحسن تدبير المال العام بما يتناسب مع تطلعات و احتياجات المواطنين مما يقتضي إخضاع التدبير المالي للتدقيق والإفتحاص للبحث عن مكامن الخلل في أفق تحصين المال العام من النهب والرفع من مردوديته وقدرته الإنتاجية بشكل فعال حتى يساهم في استغلال المواد المتاحة استعمالا اقتصاديا أساسه تحقيق التنمية

إقرأ المزيد  النظام القانوني لعمليات التداول في سوق الأوراق المالية

وبشكل عام، يمثل التدبير المرتكز على النتائج مقاربة تدبيرية قائمة على برنامج أو مبادرة ما، تهدف إلى تطوير اتخاذ القرار والتأثير على التغيير داخل و خارج المنظمة باعتبارها تنبني على ضرورة تملك مخطط جيد للعمليات من أجل تحقيق الفعالية والنجاعة والملائمة في اعتماد سياسات عمومية تنظم بها كافة جوانبها، مما يستلزم ضرورة إخضاع تدبير هذه السياسات للدراسة و التحليل المنظم بغرض التأكد من كون هذا العمل ينتج عنه الحل الفعلي للمشاكل المطروحة و يمكن من توفير احتياجاته و تحقيق غاياته وأهدافه.
فالمنظور الجديد للسياسة المالية الناجحة يمر عبر تحديث وسائل التدبير المالي ضمن إستراتيجية اقتصادية مدروسة تقع الميزانية في جوهرها انطلاقا من تعبئة كل أدوات العمل الحكومي، و إتباع نمط فعال للتدبير المالي مما سيمكن من تكريس صدقية الحسابات العمومية، ومن ثم إقرار ثقافة الشفافية والثقة والمحاسبة، فالتصرف بمسؤولية وعقلانية في المال وفق ضوابط مقننة يتطلب بالضرورة اتخاذ جملة من التدابير المتداخلة فيما بينها.
من تم فإن اعتماد تدبير السياسات العمومية يسعى إذن إلى تتبع الفعل العمومي الصادر عن مؤسساتها الرسمية خاصة المؤسسة التنفيذية و العمل على دفعها إلى إحداث تطوير أو تغيير في أسلوب عملها، وذلك من خلال التوصية بأنجع السياسات وأفضل الأساليب التنفيذية التي تضمن تحقيق الأهداف لدرجة أكبر من الفعالية والكفاءة في انسجام مع القيم والمبادئ والأخلاقيات ومن هنا تكتسب دراسة
السياسات العمومية أهمية خاصة، من خلال تحليل وتقييم الكيفية التي تمارس بها الدولة نشاطها من خلال
مؤسساتها الحكومية ودورها في رعاية المصلحة العامة من جهة، والمساهمة في تحسين مستوى كفاءة الأداء الحكومي سواء في وضع أو تنفيذ هذه السياسات، إلى جانب تبني أدوات رقابية في التقييم والحكم على سلامة البيانات والمعلومات التي توضح مدى كفاءة الإدارة في استغلال الموارد المتاحة من جهة أخرى.
لذلك فان محور الاهتمام بها هو في واقع الأمر جوهر العمل الحكومي باعتباره الفاعل الأساسي في تنظيم المجتمع، لأن السياسات العمومية هي الطريقة التي تقوم الحكومة من خلالها بالتعبير عن فعلها أو نشاطها ووجودها، فالحكومة في أي مجتمع منظم و ديمقراطي هي مزيج من الأهداف التطلعات و والبرامج.
وعليه تظل المالية العامة من أهم الوسائل المساعدة على حل جل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، حيث أن أغلب الثورات التي عرفتها الدول والحضارات تعزى إلى ضعف تدبير المالية العمومية، خاصة في ظل انعدام الشفافية في صرف النفقات العامة، مما استلزم تدبير الشأن العام وتخليقه تماشيا مع التطورات المالية والاقتصادية والمحاسبية.
ومن هذا المنطلق ، اتخذ المغرب مجموعة منظومة تدبير العمومي من الإصلاحات و الإجراءات المتتالية لتحديث الإدارة المالية من خلال تنزيل الإصلاح المالي المبني على النتائج، وهو ما يعرف في الأدبيات المالية بالمقاربة الجديدة لتدبير الميزانية على أساس النتائج.

التحميل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

المرجوا إلغاء مانع الإعلانات لتتمكن من مشاهدة المحتوى